ولما دل ختم الآية على التخفيف، وكان قد يدعي مدعون عدم الوجدان كذباً فيحصل لهم حرج، وكان تعالى شديد العناية بنجاة هذه الأمة، دل على لطفه بهم بنسخه بعد فرضه. فقال موبخاً لمن يشح على المال نادباً إلى الخروج عنه من غير إيجاب:{أأشفقتم} أي خفتم من العيلة لما يعدكم به الشيطان من الفقر خوفاً كاد أن يفطر قلوبكم {أن تقدموا} أي بإعطاء الفقراء وهم إخوانكم {بين يدي نجواكم} أي للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجمع لأنه أكثر توبيخاً من حيث إنه يدل على أن النجوى تتكرر، وذلك يدل على عدم خوفهم من مشقة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك ووجود خوفهم من فعل التصدق فقال:{صدقات} وكان بعضهم ترك وهو واجد فبين سبحانه رحمته لهم بنسخها عنهم لذلك في موضع العقاب لغيرهم عند الترك.
ولما كان من قبلنا إذا كلفوا الأمر الشاق وحملوا على التزامه بمثل رفع الجبل فوقهم، فإذا خالفوا عوقبوا، بين فضل هذه الأمة بأنه خفف عنهم، فقال معبراً بما قد يعشر بأن بعضهم ترك عن قدرة:{فإذ} أي فحين {لم تفعلوا} أي ما أمرتم به من الصدقة للنجوى بسبب هذا الإشفاق {وتاب الله} أي الملك الأعلى الذي كان من شأن ما هو عليه من العظمة أن يعاقب من ترك أمره {عليكم} أي رجع