للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما أبرزوا له أمرهم في قالب الشك على سبيل الجزم، قابلهم بمثله على سبيل الفرض إنصافاً لهم لئلا يلائم الخطاب حال المخاطبين، فاستأنف سبحانه الإخبار عنه بذلك في قوله: {قال} أي صالح نادياً لهم إلى النظر في أمره برفق {يا قوم أرءيتم} أي أخبروني {إن كنت} أورده بصيغة الشك لأن خطابه للجاحدين {على بينة من ربي} أي المحسن إليّ، لا شك عندي فيها {وآتاني منه رحمة} أي أوامر هي سبب الرحمة {فمن ينصرني} وأظهر موضع الإضمار وعبر بالاسم الأعظم لاقتضاء المقام التهويل فقال: {من الله} أي الملك الأعظم {إن عصيته} أي إن وقوعكم في الشك على زعمكم حملكم على هيئة الإباء في التلبس بأعمالهم مع زوالهم واضمحلالهم لو كانوا موجودين وعصيتموهم لم تبالوا بهم، وأما أنا فالذي أمرني بعبادته حي قادر على جزاء من يطيعه أو يعصيه، وأقل ما يحمل على طاعته الشك في عقوبته، وهو كاف للعاقل في ترك الخطر {فما} أي فتسبب عن نهيكم لي عن الدعاء إليه سبحانه أنكم ما {تزيدونني} بذلك شيئاً في عملي بما ترمونه مني من عطفي عنه باتباعكم في عملكم أو الكف عنكم لأصير في عداد من يرجى عندكم ممن له عقل {غير تخسير*} أي إيقاعي في الخسارة على هذا التقدير: فلا تطمعوا في تركي لشيء من مخالفتكم ما دمتم

<<  <  ج: ص:  >  >>