ولما كان من المعلوم أن من سمع هذا الكلام يعلم أن التقوى لا يكون إلا مأموراً بها، والفجور لا يكون إلا منهياً عنه، فيتوقع ما يقال فيهما مما يتأثر عنهما، قال تعالى:{قد أفلح} أي ظفر بجميع المرادات {من زكاها *} أي نماها وأصلحها وصفاها تصفية عظيمة بما يسره الله له من العلوم النافعة والأعمال الصالحة وطهرها على ما يسره لمجانبته من مذامّ الأخلاق لأن كلاًّ ميسر لما خلق له، والدين بني على التحلية والتخلية و «زكى» صالح للمعنيين {وقد خاب} أي حرم مراده مما أعد لغيره في الدار الآخرة وخسر وكان سعيه باطلاً {من دساها *} أي أغواها إغواء عظيماً وأفسدها ودنس محياها وقذرها وحقرها وأهلكها بخبائث الاعتقاد ومساوىء الأعمال، وقبائح النيات والأحوال، وأخفاها بالجهالة والفسوق، والجلافة والعقوق، وأصل «دسى» دسس، فالتزكية أن يحرص