ولما كان الكبر والأنفة أعظم موقف عن العلم الداعي إلى كل خير، ومرض بمرض الجهل الحامل على كل شر، قال تعالى:{ولا تمش} أي مشياً ما، وحقق المعنى بقوله تعالى:{في الأرض} أي جنسها {مرحاً} وهو شدة الفرح التي يلزمها الخيلاء، لأن ذلك من رعونات النفس بطيش الهوى وداعي الشهوة وما طبعت عليه من النقائص، فإنه لا يحسن إلا بعد بلوغ جميع الآمال التي تؤخذ بالجد ولن يكون ذلك لمخلوق، ولذلك علله بقوله تعالى:{إنك لن تخرق} أي ولو بأدنى الوجوه {الأرض} أي تقطعها سيراً من مكانك إلى طرفها {ولن تبلغ} أي بوجه من الوجوه {الجبال طولاً *} أي طول الجبال كلها بالسير فيها، فإذا كنت تعجز في قدرتك وعلمك عن خط مستقيم من عرض الأرض