ولما تم إظهار ضلالهم، بكتهم في أسلوب آخر معرضاً عن خطابهم تخويفاً من إحلال عذابهم فقال:{وجعلوا} أي بعض العرب منابذين لما مضى بيانه من الأدلة {بينه وبين الجنة} أي الجن الذين هم شر الطوائف، وأنثهم إشارة إلى تحقيرهم عن هذا الأمر الذي أهلوهم له {نسباً} بأن قالوا: إنه - جلت سبحات وجهه وعظم تعالى جده - تزوج بنات سروات الجن، فأولد منهم الملائكة، ومن المعلوم أن أحداً لا يتزوج إلا من يجانسه، فأبعدوا غاية البعد لأنه لا مجانس له. ولما كان النسيب يكرم ولا يهان قال مؤنثاً لضميرهم زيادة في تحقيرهم:{ولقد علمت الجنة} أي مطلقاً السروات منهم والأسافل {إنهم} أي الجن كلهم {لمحضرون *} أي إليه بالبعث كرهاً ليعاملوا بالعدل مع بقية الخلائق يوم فصل القضاء، والتجلي في مظاهر العز والعظمة والكبرياء، فهم أقل من أن يدعى لهم ذلك.