ولما كان القرب والإحاطة لله، كان بالحقيقة لا رقيب إلا هو، والآية على كل حال منسوخة إن قلنا بالاحتمال الأول أو الثاني، فقد روى الترمذي في التفسير عن عائشة رضي الله عنها وناهيك بها ولا سيما في هذا الباب أنها قالت: ما مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أحل له النساء، وقال: هذا حديث حسن صحيح - انتهى. ونقل ابن الجوزي عنها رضي الله عنها أن الناسخ آية {أنا أحللنا لك أزواجك} وكذا عن جماعة منهم علي وابن عباس وأم سلمة رضي الله عنهم، ولكن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك ذلك أدباً مع الله تعالى حيث عبر في المنع بصيغة الخبر والفعل المضارع، ورعاية أشار الله إليه من رعاية حقهن في اختيارهن من الدار الآخرة.
ولما قصره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهن، وكان قد تقدم إليهن بلزوم البيوت وترك ما كان عليه الجاهلية من التبرج، أرخى عليهن الحجاب في البيوت ومنع غيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما كانت العرب عليه من الدخول على النساء لما عندهم من الأمانة في ذلك، فقال