ولما انتفى نفعهم بعلمهم، صح نفيه، فكانوا وإياها على حد سواء، ليس لفريق منهما شيء مما نوى، فيا لها من صفقة خاسرة، وتجارة كاسدة بائرة. ولما كان ضرب المثل للشيء لا يصح إلا من العالم بذلك الشيء، وكان النصير على شيء لا يمكن أن يتوجه إلى معارضته إلا أن يعلمه ويعلم مقدار قدرته، وعدة جنوده، وصل بذلك أن هذا شأنه سبحانه وأن شركاءهم في غاية البعد عن ذلك، فكيف يعلقون بنصرهم آمالهم، وزاد ذلك ذاك حسناً تعقيبه لنفي العلم عنهم، فقال إشارة إلى جهلهم في إنكارهم أن يقدر أحد على إهلاك آلهتهم التي هي أو هي الأشياء:{إن الله} أي الذي له صفات الكمال {يعلم} بما له من تلك الصفات {ما} أي الذي {يدعون} أي الذين ضرب لهم المثل، أو أنتم - في قراءة الفوقانية التفاتاً إلى أسلوب الخطاب إيذاناً بالغضب {من دونه} إشارة إلى سفول رتبتهم، وأكد العموم بقوله:{من شيء} أي سواء كان نجماً أو صنماً أو ملكاً أو جنيناً أو غيره، وهم لا يعلمونه ولا يعلمون شيئاً مما يتوصلون إليه، فكيف يشفعون عنده أو ينصرون