ولما كان ما ذكر في هذه السورة من الحكم والدلائل والقصص واعظاً شافياً حكيماً، ومرشداً هادياً عليماً، قال واصلاً بما تقدم إشارة إلى أنه نتيجته:{إن في هذا} أي الذي ذكرناه هنا من الأدلة على قدرتنا على قيام الساعة وغيرها من الممكنات، وعلى أن من ادعى علينا أمراً فأيدناه عليه وجعلنا العاقبة له فيه فهو صادق محق، وخصمه كاذب مبطل {لبلاغاً} لأمراً عظيماً كافياً في البلوغ إلى معرفة الحق فيما ذكرناه من قيام الساعة والوحدانية وجميع ما تحصل به البعثة {لقوم} أي لأناس أقوياء على ما يقصدونه {عابدين*} أي معترفين بالعبودية لربهم الذي خلقهم اعترافاً تطابقه الأفعال بغاية الجد والنشاط.
ولما كان هذا مشيراً إلى رشادهم، فكان التقدير: فما أرسلناك إلا لإسعادهم والكفاية لهم في البلاغ إلى جنات النعيم، عطف عليه ما يفهم سبب التأخير لإنجاز ما يستعجله غير العابدين من العذاب فقال:{وما أرسلناك} أي بعظمتنا العامة على حالة من الأحوال {إلا} على حال كونك {رحمة للعالمين*} كلهم، أهل السماوات وأهل الأرض