ولما كان من المعلوم أن هذا شيء لا مثنوية فيه، وكانت الرتب التي دون شريف رتبته سبحانه كثيرة جداً لما له من العلو المطلق وكان ما يليها له حكم شرفها وحقيقها، وكان أول ذلك البلاغ منه سبحانه بلا واسطة ثم البلاغ بواسطة ملائكته الكرام منه، استثنى من «ملتحداً» على طريق لا ملجأً ولا منجى منك إلا إليك ففروا إلى الله فقال: {إلا بلاغاً} أي يبلغني كائناً {من الله} أي الذي أحاط بكل شيء قدرة وعلماً، ولكنه لسعة رحمته يجري الأمور على ما يتعارفونه في أنه لا يأخذ أحداً إلا بحجة يعترفون بأنها حجة. ولما بين الرتبة الأولى التي هي أعلى، أتبعها التي تليها فقال:{ورسالاته} التي أوحي إليّ بها بواسطة الملك فإني أتلقى ذلك حق تلقيه بحفظه والعمل به فيكون، ذلك عاصماً من كل سوء في الدنيا والآخرة.