ولما أنتج هذا كله أنه على كل شيء قدير لأنه بكل شيء عليم، وكانت هذه الآية - كما تقدم - ناظرةً إلى أول السورة من آية {لا تحلوا شعائر الله}[المائدة: ٢] وما بعدها أتم نظر، ذكر سبحانه ما اكتنف آية {حرمت عليكم الميتة}[المائدة: ٣] من الوعيد الذي ختم به ما قبلها والوعد الذي ختمت هي به في هذه الآية على ترتيبه، سائقاً له مساق النتيجة والثمرة لما قبله، بياناً لأن من ارتكب شيئاً من هذه المنهيات كان حظه، فقال محذراً ومبشراً لأن الإيمان لا يتم إلاّ بهما:{اعلموا أن الله} أي الذي له المعظمة كلها الذي نهاه عنها {شديد العقاب} فليكن عباده على حذر منه، وأن من أوقعه في شيء منها القدر، ثم فتح له التوفيقُ بابَ الحذر، فكفر فيما فيه كفارة وتاب، كان مخاطباً بقوله:{وأن} أي واعلموا أن {الله} أي الذي له الجلال والإكرام مع كونه شديد العقاب {غفور رحيم *} يقبل عليه ويمحو زلله ويكرمه، فكان اكتناف أسباب الرجاء سابقاً للإنذار ولاحقاً معلماً بأن رحمته سبقت غضبه وأن العقاب إنما هو لإتمام رحمته، قال ابن الزبير: ثم قال {جعل الله الكعبة}[المائدة: ٩٧]- فنبه على سوء العاقبة في منع البحث على التعليل وطلب الوقوف على ما لعله مما استأثر الله بعلمه، ومن هذا الباب أتى على بني إسرائيل في