للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمر البقرة وغير ذلك؛ وجعل هذا التنبيه إيماء، ثم أعقبه بما يفسره {يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء} [المائدة: ١٠١]- ووعظهم بحال غيرهم في هذا، وأنهم سألوا فأعطوا ثم امتحنوا، وقد كان التسليم أولى لهم، فقال تعالى {قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين} [المائدة: ١٠٢] ثم عرّف عباده أنهم إذا استقاموا فلن يضرهم خذلان غيرهم {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم} [المائدة: ١٠٥]- انتهى.

ولما رغب سبحانه ووهب، علم أنه المجازى وحده، فأنتج ذلك أنه ليس إلى غيره إلاّ ما كلفه به، فأنتج ذلك ولا بد قوله: {ما على الرسول} أي الذي من شأنه الإبلاغ {إلا البلاغ} أي بأنه يحل لكم الطعام وغيره ويحرم عليكم الخمر وغيرها، وليس عليه أن يعلم ما تضمرون وما تظهرون ليحاسبكم عليه {والله} أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً {يعلم ما تبدون} أي تجددون إبداءه على الاستقرار {وما تكتمون *} من إيمان وكفر وعصيان وطاعة وتعمد لقتل الصيد وغيره ومحبة للخمر وغيرها وتعمق في الدين بتحريم الحلال من الطعام والشراب وغيره إفراطاً وتفريطاً، لأنه الذي خلقكم وقدّر ذلك فيكم في أوقاته، فيجازيكم على ما في نفس الأمر، من عصي أخذه بشديد العقاب، ومن أطاعه منحه حسن الثواب، وأما الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا يحكم إلاّ بما يعلمه مما تبدونه ما لم أكشف له الباطن وآمره فيه بأمري، وهذه أيضاً ناظرة إلى قوله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>