ولما كان كأنه قيل تبيهاً على جلالة هذه الآيات: انظر كيف فصلنا هذه الآيات هذه التفاصيل الفائقة وأبرزناها في هذه الأساليب الرائقة، قال:{وكذلك} أي ومثل ذلك التفصيل البديع الجليل الرفيع {نفصل الآيات} أي كلها لئلا يواقعوا ما لا يليق بجانبنا جهلاً لعدم الدليل {ولعلهم يرجعون*} أي ليكون حالهم حال من يرجى رجوعه عن الضلال إلى ما تدعو إليه الهداة من الكمال عن قرب إن حصلت غفلة فواقعوه، وذلك من أدلة {والذي خبث لا يخرج إلا نكداً}[الأعراف: ٥٨] و {ما وجدنا لأكثرهم من عهد}[الأعراف: ١٠٢] و {سأصرف عن آياتي}[الأعراف: ١٤٦] .
ولما ذكر لهم ما أخذ عليهم في كتابهم من الميثاق الخاص الذي انسلخوا منه، واتبعه الميثاق العام الذي قطع بع الأعذار، أتبعهما بيان ما يعرفونه من حال من انسلخ من الآيات، فأسقطه الله من ديوان السعداء، فأمره صلىلله عليه وسلم أن يتلو عليهم، لأنه - مع الوفاء بتبكيتهم - من أدلة نبوته الموجبة عليهم اتباعه، فذكره ما وقع له في نبذ العهد والانسلاخ من الميثاق بعد أن كان قد أعطى الآيات وأفرغ عليه من الروح فقال:{واتل} أي اقرأ شيئاً بعد شيء {عليهم} أي اليهود وسائر الكفار الخلق كلهم {نبأ الذي} وعظم ما أعطاه بمظهر العظمة ولفظ الإيتاء بعد ما عظم خبره بلفظ الإنباء فقال: {آتيناه} .