ولما أخبر بهلاكهم دل عليه بحال من فاعل «يحسب» فقال تعالى: {ولله} أي الذي له جميع صفات الكمال وحده {ملك السماوات والأرض} أي لا يقع في فكرهم ذلك والحال أن ملكه محيط بهم، وله جميع ما يمكنهم الانحياز إليه، وله ما لا تبلغه قُدَرُهم من ملك الخافقين فهو بكل شيء محيط {والله} أي الذي له جميع العظمة {على كل شيء قدير *} وهو شامل القدرة، فمن كان في ملكه كان في قبضته، ومن كان في قبضته كان عاجزاً عن التفصي عما يريد به، لأنه الحي القيوم الذي لا إله إلا هو - كما افتتح به السورة.
ولما ذكر هذا الملك العظيم وختم بشمول القدرة دل على ذلك بالتنبيه على التفكر فيه الموجب للتوحيد الذي هو المقصد الأعظم من هذه السورة الداعي إلى الإيمان الموجب للمفازة من العذاب، لأن المقصود الأعظم من إنزال القرآن تنوير القلوب بالمعرفة، وذلك لا يكون إلا بغاية التسليم، وذلك هو اتباع الملة الحنيفية، وهو متوقف على صدق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبدأ سبحانه وتعالى السورة بدلائل صدقه بإعجاز القرآن بكشفه - مع الإعجاز بنظمه على لسان النبي الأمي -