ولما ذكر الآيتين، ذكر ما هما آيتاه فقال:{وهو الذي جعل الليل} أي الذي آيته القمر {والنهار} الذي آيته الشمس {خلفة} أي ذوي حالة معروفة في الاختلاف، فيأتي هذا خلف ذاك، بضد ما له من الأوصاف، ويقوم مقامه في كثير من المرادات، والأشياء المقدرات، ويعلم قد التسامح فيها، ومن فاته شيء من هذا قضاه في ذاك؛ قال ابن جرير: والعرب تقول: خلف هذا من كذا خلفة، وذلك إذا جاء شيء مكان شيء ذهب قبله. وفي القاموس أن الخلف والخلفة - بالكسر: المختلف. فعلى هذا يكون التقدير: جعلهما مختلفين في النور والظلام، والحر والبرد، غير ذلك من الأحكام. وقال الرازي في اللوامع: يقال: الأمر بينهم خلفة، أي نوبة، كل واحد يخلف صاحبه، والقوم خلفة، أي مختلفون.
ولما كان الذي لا ينتفع بالشيء كالعادم لذلك الشيء، خص الجعل بالمجتني للثمرة فقال:{لمن أراد أن يذكر} أي يحصل له تذكر ولو على أدنى الوجوه - بما دل عليه الإدغام في قراءة الجماهة بفتح الذال