ولما أمره بالإقبال على ما يهمه، والإعراض عن منازعتهم، في صيغة نهيهم عن منازعته، علمه الجواب إن ارتكبوا منهيه بعد الاحتهاد في دفعهم، لما لهم من اللجاج والعتو، فقال:{وإن جادلوك} أي في شيء من دينك بشيء مما تقدم من أقوالهم السفسافة أو بغيره {فقل} معرضاً عن عيب دينهم الذي لا أبين فساداً منه: {الله} أي الملك المحيط بالعز والعلم {أعلم بما تعملون*} مهدداً لهم بذلك، مذكراً لنفسك بقدرة ربك، قاطعاً بذلك المنازعة من حيث رقّب، متوكلاً على الذي أمرك بذلك في حسن تدبيرك والمدافعة عنك ومجازاتهم بما سبق علمه به مما يستحقونه؛ قال الرازي في اللوامع: وينبغي أن يتأدب بهذا كل أحد، فإن أهل الجدل قوم جاوزوا حد العوام بتحذلقهم، ولم يبلغوا درجة الخواص الذين عرفوا الأشياء على ما هي عليه، فالعوام منقادون للشريعة، والخواص يغرفون أسرارها وحقائقها، وأهل الجدل قوم في قلوبهم اضطراب وانزعاج.