ولما حقر أمرهم بتقسيم اعتمادهم على رؤسائهم، وحالهم معروف في أنه لا نفع عندهم ولا ضر، وأعلى أمر أهل الله باجتماعهم عليه وهو القادر على كل شيء، وكان الإقبال على الدنيا أعظم أمارة على الخذلان ولو أنه بحق فكيف إذا بالباطل! أقبل سبحانه وعز شأنه على أهل وده مستعطفاً متلطفاً منادياً باسم الإيمان الذي بنى أمره في أول هذا الكتاب على الإنفاق لا على التحصيل ولو كان بحق، فكيف إذا كان بباطل، ويؤتون الزكاة ومما رزقناهم ينفقون، منبهاً على سفه من ترك من لا يسأله على بذل الهدى والدعوة إلى دين الحق أجراً وهو سفير محض لا ينطق عن الهوى، ولم يعتقده رسولاً واتخذ مربوباً مثله وهو يأخذ ماله بالباطل ربواً، وذلك مقتض لتحقيرهم لا لمطلق تعظيمهم فضلاً عن الرتبة التي أنزلوهم بها وأهلوهم لها مع الترفع عليهم لقصد أكل أموالهم بالباطل فقال:{يا أيها الذين آمنوا} أي أقروا بإيمان داعيهم من التكذيب ومما يؤول إليه {إن كثيراً من الأحبار}