ولما انقضى بيان عناده فحصل التشوف لتفصيل جزائه في معاده، قال مبيناً لبعض ما أفهمه إرهاقه الصعود:{سأصليه} أي بوعيد لا بد منه عن قرب {سقر *} أي الدركة النارية التي تفعل في الأدمغة من شدة حموها ما يجل عن الوصف، فأدخله إياها وألوّحه في الشدائد حرها وأذيب دماغه بها، وأسيل ذهنه وكل عصارته بشديد حرها جزاء على تفكيره، هذا الذي قدره وتخيله وصوره بإدارته في طبقات دماغه ليحرق أكباد أولياء الله وأصفيائه.
ولما أثبت له هذا العذاب عظمه وهوله بقوله:{وما أدراك} أي أعلمك وإن اجتهدت في البحث {ما سقر *} يعني أن علم هذا خارج عن طوق البشر لا يمكن أن يصل إليه أحد منهم بإعلام الله له لأنه أعظم من أن يطلع عليه بشر. ولما أثبت لها هذه العظمة، زادها عظماً ببيان فعلها دون شرح ماهيتها فقال:{لا تبقى} أي سقر هذه لا تترك شيئاً يلقى فيها على حالة البقاء على ما كان