ولما كان التقدير: ولكنا أرسلناك بالحق لقطع حجتهم هذه، بنى عليه قوله:{فلما جاءهم} أي أهل مكة {الحق} الذي هو أعم من الكتاب والسنة وما يقاس عليهما، وهو في نفسه جدير بأن يقبل لكونه في الذروة العليا من الثبات، فكيف وهو {من عندنا} على ما لنا من العظمة، وعلى لسانك وأنت أعظم الخلق! {قالوا} أي أهل الدعوة من العرب وغيرهم تعنتاً كفراً به: {لولا أوتي} من الآيات، أي هذا الآتي بما يزعم أنه الحق، وبني للمفعول لأن القصد مطلق الإيتاء لأنه الذي يترتب عليه مقصود الرسالة، مع أن المؤتى معلوم {مثل ما أوتي موسى} أي من اليد والعصا وغيرهما من الآيات التي لا يقدر على إتيانها إلا القادر على كل شيء.
ولما كان الإتيان بمثل ما أتى به موسى عليه الصلاة والسلام لا يكون موجباً للإيمان على زعمهم إلا بأن يكون أعظم مما أتى به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو يكون الناس لم يتوقفوا في الإيمان به، وكان كل من الأمرين منتفياً بأن أهل زمانه كفرو به، وهو لما سألوا