ولما ذكر الإهلاك بالماء وبغيره، وكان الإهلاك بالماء تارة بالبحر، وتارة بالإمطار، وختم بالخسف، ذكر الخسف الناشىء عن الأمطار، بحجارة النار، مع الغمر بالماء، دلالة على تمام القدرة، وباهر العظمة، وتذكيراً بما يرونه كل قليل في سفرهم إلى الأرض المقدسة لمتجرهم، وافتتح القصة باللام المؤذنة بعظيم الاهتمام، مقرونة بحرف التحقيق، إشارة إلى أنهم لعدم الانتفاع بالآيات كالمنكرين للمحسوسات، وغير الأسلوب تنبيهاً على عظيم الشأن وهزاً للسامع فقال:{ولقد أتوا} أي هؤلاء المكذبون من قومك، وقال:{على القرية} - وإن كانت مدائن سبعاً أو خمساً كما قيل - تحقيراً لشأنها في جنب قدرته سبحانه، وإهانة لمن يريد عذابه، ودلالة على جمع الفاحشة لهم حتى كانوا كأنهم شيء واحد كما دل عليه التعبير بمادة «قرا» الدالة على الجمع {التي أمطرت} أي وقع إمطارها ممن لا يقدر على الإمطار سواه بالحجارة، ولذا قال:{مطر السوء} وهي قرى قوم لوط، ثم خسف بها وغمرت بما ليس في الأرض مثله في أنواع الخبث؛ قال البغوي: كانت خمس قرى فأهلك الله أربعاً منها ونجت واحدة وهي أصغرها، وكان أهلها