لما أبهم الضال والمهتدي في آخر «الملك» والمسيء والمحسن في العمل أولها، وختم بآية الماء المعين الذي دلت حروفه بمجموعها على تمام معناه، ودل كل واحد منها على شيء منه، فدلت ميمه على تمام شيء ظاهر، وعينه على آية هادية، وياؤه على قائم ملطف متنزل مع كل مقام، ونونه على مظهر مبين محيط بما أظهره، وردهم سبحانه إليه بعد شرادهم عنه بالاستفهام في هذه الآية بما نبههم عليه من عجزهم وعجز كل من يدعونه من دونه وأنه لا يقدر على الإتيان بذلك الماء الذي هو حياة الأشباح بعد ذهابه إلا من تمت قدرته، فكان قادراً على كل ما يريد، وكان لا يقدر على كل ما يريده إلا من كمل علمه الذي يحيي به ميت الأرواح، دل على شمول قدرته بكمال علمه بما أفاده على النبي الكريم الأمي من العلوم التي زخرت بحارها، فأحيا مدرارها،