ولما كانت البشرى من الله لا تتخلف، كان التقدير: فولد له غلام كما قلنا {فلما بلغ} أن يسعى كائناً {معه} أي مع أبيه خاصة ومصاحباً له {السعي} الذي يرضى به الأب ويوطن نفسه عنده على الولد ويثق به، ولا يتعلق مع مبلغ لاقتضائه بلوغهما معاً حد السعي، ولا معنى لذلك في حق إبراهيم عليه السلام ولا بالسعي، لأن صلة المصدر لا تتقدم عليه، ولو أخر عنه لم يفد الاختصاص المفهم لصغر سنه المفيد للإعلام بأن يبلغ في ذلك معه ما لا يبلغه مع غيره لعظيم شفقة الأب، واستحكام ميل الابن الموجب لطاعته، واختلف العلماء في تقدير ذلك بالسن فقال بعضهم: ثلاث عشرة سنة، وبعضهم: سبع سنين، ولذلك قيده بالأب لأن غيره لا يشفق على الولد فيكلفه ما ليس في وسعه، وهو لم يبلغ كمال السعي {قال} أي إبراهيم عليه السلام: {يا بني} منادياً له بصيغة التعطف والشفقة والتحبب، ذاكراً له بالمضارع الحال الذي رآه عليه ومصوراً له، لا لتكرار الرؤيا فإنه غير محتاج إلى التكرار ولا إلى التروي، فإن الله تعالى أراه ملكوت السماوات والأرض، وأكد لما في طباع البشر من إحالة أن يقال ذلك على حقيقته، وإعلاماً بأنه منام وحي لا أضغاث أحلام: