ولما أثبت بقوله {وليزيدن} أنهم كانوا كفرة قبل إتيان هذا الرسول عليه السلام، وكرر ما أعده لهم من الخزي الدائم على نحو ما أخبرهم به كتابهم، وعظهم ورجّاهم سبحانه استعطافاً لهم لئلا ييأسوا من روح الله على عادة منه في رحمته لعباده ورأفته بهم بقوله تعالى عاطفاً على ما تقديره: فلو أنهم كفوا عن هذه الجرائم العظائم لاضمحلت صغائرهم فلم تكن لهم سيئات: {ولو أن} ولما كان الضلال من العالم أقبح، قال:{أهل الكتاب} أي الفريقين منهم.
ولما كان الإيمان أساس جميع الأعمال، قدمه إعلاماً بأنه لا نجاة لأحد إلا بتصديق محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هذا مع أنه حقيق باشتداد العناية بهم لمبالغتهم في كتمان ما عندهم منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:{آمنوا} أي بهذا النبي الكريم وما أنزل إليه من هذا الهدى {واتقوا} أي ما هددوا به في كتابهم على ترك الإيمان به على حسب ما دعاهم إليه كتابهم كما في قصة إسماعيل وغيرها إلى أن كان آخر ما فارقهم عليه موسى عليه السلام في آخر كتابهم التصريح بنبوته عليه السلام والإشارة إلى أن اتباعه أحق من اتباعه فقا: جاء ربنا من سيناء؛ وشرق من ساعير، وتبدّى من جبال فاران، فأضاف الرب إليهم، وجعل الإتيان من جبال فاران - التي هي مكة، لا نزاع لهم في ذلك - تبدياً وظهوراً أي لاخفاء