ولما وعد المطيع وأوعد العاصي، وكانت النفوس إلى الوعد أشد التفاتاً، دل عليه بثواب عظيم منه أمر محسوس يعظم جذبه للنفوس القاصرة عن النفوذ في عالم الغيب، فقال مؤكداً لأن أعظم المراد به المذبذبون، مفتتحاً بقد لأن السياق موجب للتوقع لما جرى من السنة الإلهية أنها إذا شوقت إلى شيء دلت عليه بمشهود يقرب الغائب الموعود:{لقد رضي الله} أي الذي له الجلال والجمال {عن المؤمنين} أي الراسخين في الإيمان، أي فعل معهم فعل الراضي بما جعل لهم من الفتح وما قدر له من الثواب، وأفهم ذلك أنه لم يرض عن الكافرين فخذلهم في الدنيا مع ما أعد لهم في الآخرة، فالآيات تقرير لما ذكر من جزاء الفريقين بأمور مشاهدة.
ولما ذكر الرضى، ذكر وقته للدلالة على سببه فقال:{إذ} أي حين، وصور حالهم إعلاماً بأنها سارة معجبة شديدة الرسوخ في الرضى فقال:{يبايعونك} في عمرة الحديبية لما صد المشركون عن الوصول إلى البيت، فبعثت عثمان رضي الله عنه إليهم ليخبرهم بأنك لم تجىء