لقتال وإنما جئت للعمرة، فبلغك أنهم قتلوه فندبت إلى البيعة لمناجزتهم فبايعك كل من كان معك على أن لا يفروا لتناجز بهم القوم؛ وزاد الأمر بياناً وقيده تفضيلاً لأهل البيعة بقوله:{تحت الشجرة} واللام للعهد الذهني، وكانت شجرة في الموضع الذي كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نازلاً به في الحديبية، ولأجل هذا الرضى سميت بيعة الرضوان، وروى البغوى من طريق الثعلبي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة» .
ولما دل على إخلاصهم بما وصفهم، سبب عنه قوله:{فعلم} أي لما له من الإحاطة {ما في قلوبهم} أي من مطابقته لما قالوا بألسنتهم في البيعة، وأن ما حصل لبعضهم من الاضطراب في قبول الصلح والكآبة منه إنما هو لمحبة الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإيثار ما يريد من إعلاء دينه وإظهاره لا عن شك في الدين، وسبب عن هذا العلم ترغيباً في مثل هذا المحدث عنهم قوله:{فأنزل السكينة} أي بثبات القلوب وطمأنيتها في كل حالة ترضي الله ورسوله، ودل على عظمها بحيث إنها تغلب الخوف وإن عظم بقوله:{عليهم} فأثر ذلك أنهم لم يخافوا عاقبة القتال لما ندبوا إليه وإن كانوا في كثرة الكفار كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود، لا أثر الصلح بما يتراءى فيه من الضعف وغيره من مخايل النقص في قلوبهم في ذلك المقام الدحض