والكاف مشددتين، لما يدله عليه عقله من أن التغير على هذه الهيئة العظيمة لا يكون بدون مغير قادر عظيم القدرة مختار، فيؤديه تذكره إلى الإيمان إن كان كفوراً، وقراءة حمزة بالتخفيف من الذكر تشير إلى أن ما يدلان عليه من تمام القدرة وشمول العلم الدال قطعاً على الوحدانية على غاية من الظهور، لا يحتاج إلى فكر، بل تحصل بأدنى التفات {أو أراد شكوراً*} أي شكراً بليغاً عظيماً لنعم الله لتحمله إرادته تلك على الشكر إن كان مؤمناً، بسبب ما أنعم به ربه من الإتيان بكل منهما بعد هجوم الآخر لاجتناء ثمراته، ولو جعل أحدهما دائماً لفاتت مصالح الآخرة، ولحصلت السآمة به، والملل منه، والتواني في الأمور المقدرة بالأوقات، الكسل وفتر العزم الذي إنما يثيره لتداركها دخول وقت آخر، وغير ذلك من الأمور التي أحكمها العلي الكبير.
ولما ذكر عباده الذين خذلهم بتسليط الشيطان عليهم فصاروا حزب الشيطان، ولم يصفهم إلى اسم من أسمائه، إيذاناً بإهانتهم لهوائهم عنده، وهم الذين صرح بهم قوله أول السورة {نذيراً} وختم بالتذكر والشكر إشارة إلى عباده الذين أخلصهم لنفسه، وأشار إليهم سابقاً بتخصيص الوصف بالفرقان، فأتبع ذلك ذكرهم، فقال عاطفاً على جملة الكلام في قوله {وإذا قيل لهم} لكنه رفعهم بالابتداء