للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما كان في مقام الترغيب في الحق، ربط بفعلهم ذلك تسبيباً عنه قوله مدحاً لهم: {فأولئك} أي العالو الرتبة {تحروا} أي توخوا وقصدوا مجتهدين {رشداً *} أي صواباً عظيماً وسداداً، كان - لما عندهم من النقائص - شارداً عنهم فعالجوا أنفسهم حتى ملكوه فجعلوه لهم منزلاً، من قولهم: الحرا - بالقصر: أفحوص القطاة يأوي إليه الظبي، والناحية والموضع، وما أحراه بكذا: ما أوجبه له، وبالحرا أن يكون كذا أي خليق كونه، وفلان حري بكذا أي خليق، وقد يجيء بالحر - من غير ياء، يراد به بالجهد، وتحريت الشيء: قصدت ناحيته، فكان لهم ذلك إلى الجنة سبباً، ومن قسط فأولئك ضنوا فنالوا غياً وشططاً.

ولما عرفوا بالأمن الاعتصام بطاعة الله، نبهوا على خطر التعرض لبطشه فقالوا: {وأما القاسطون} أي العريقون في صفة الجور عن الصواب من الجن وغيرهم فأولئك أهملوا أنفسهم فلم يتحروا لها فضلوا فأبعدوا عن المنهج فوقعوا في المهالك التي لا منجى منها: {فكانوا} بجبلاتهم {لجهنم} أي النار البعيدة القعر التي تلقاهم بالتجهم والكراهة

<<  <  ج: ص:  >  >>