موضع أن يظن أن النهي عام لكل نجوى وإن كانت بالخير، استأنف قوله منادياً بالأداة التي لا يكون ما بعدها له وقع عظيم، معبراً بأول أسنان الإيمان باقتضاء الحال له:{يا أيها الذين آمنوا} أي ادعوا أنهم أوجدوا هذه الحقيقة {إذا تناجيتم} أي قلع كل منكم الكلام من نفسه فرفعه وكشفه لصاحبه سراً {فلا تتناجوا} أي توجدوا هذه الحقيقة ظاهرة كتناجي المنافقين {بالإثم} أي الذنب وكل فعل يكتب بسببه عقوبة.
ولما عم خص فقال:{والعدوان} أي الذي هو العدو الشديد بما يؤذي وإن كان العادي يظن أنه لا يكتب عليه به إثم. ولما كان السياق لإجلال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أنه لا تعرف حقيقة الإثم إلا منه قال تعالى:{ومعصيت الرسول} أي الكامل في الرسلية فإن ذلك يشوش فكره فلا يدعه يبلغ رسالات ربه وهو منشرح الصدر طيب النفس.
ولما علم أن نهيهم إنما هو عن شر يفسد ذات البين هو ما لا يريدون إطلاع النبي صلى الله عليه، صرح بقوله حثاً على إصلاح ذات البين لأن خير الأمور ما عاد بإصلاحها، وشر الأمور ما عاد بإفسادها:{وتناجوا بالبر} أي بالخير الواسع الذي فيه حسن