قبل سركم الذي تريدون أن ترتفعوا به {صدقة} تكون لكم برهاناً قاطعاً على إخلاصكم كما ورد أن الصدقة برهان، فهي مصدقة لكم في دعوى الإيمان التي هي التصديق بالله تعالى ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبكل ما جاء به عن الله تعالى، ومعظمه الإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة، ولذلك استأنف قوله:{ذلك} أي الخلق العالي جداً من تقديم التصدق قبل المناجاة يا خير الخلق، ولعله أفرده بالخطاب لأنه لا يعلم كل ما فيه من الأسرار غيره.
وعاد إلى الأول فقالك {خير لكم} أي في دينكم من الإمساك عن الصدقة {وأطهر} لأن الصدقة طهرة ونماء وزيادة في كل خير، ولذلك سميت زكاة {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} والتعبير بأفعل لأنهم مطهرون قبله بالإيمان.
ولما أمر بذلك، وكانت عادته أن لا يكلف بما فوق الوسع للتخفيف على عباده لا سيما هذه الأمة قال:{فإن لم تجدوا} أي ما تقدمونه.
ولما كان المعنى الكافي في التخفيف: فليس عليكم شيء، دل عليه بأحسن منه فقال:{فإن الله} أي الذي له جميع صفات الكمال، وأكده لاستبعاد مثله فإن المعهود من الملك إذا ألزم رعيته بشيء أنه لا يسقطه