ما حملهم على التأويل إلا انتشار المبتدعين وإشهارهم بدعتهم بين الناس، قال الإمام علاء الدين القونوي رحمه الله تعالى في باب السير من شرحه الحاوي: قال الإمام - يعني إمام الحرمين: ولو بقي الناس على ما كانوا عليه من صفوة الإسلام لما أوجبنا التشاغل بعلم الكلام بل ربما نهينا عنه، وأما الآن وقد ثارت البدع فلا سبيل إلى تركها تلتطم أمواجها فلا بد من إعداد ما يدعى به إلى المسلك الحق وتحل به الشبه، فصار الاشتغال بأدلة المعقول وحل الشبه من فروض الكفايات، ومن استراب في أصل من أصول الاعتقاد فعليه السعي في إزاحته إلى أن يستقيم عقده - انتهى.
ثم إنك تجد العلماء يختلفون في بعض الأدلة فبعضهم يجريها على الظاهر وبعضهم يؤول، وذلك للاختلاف في المعارض هل هو قطعي الدلالة أم لا، وهذا الموضع منه، لإن ظواهر الكتاب والسنة تدل على أن الأرضين مثل السماوات في العدد في أن بينهما خلاء، وفي أن في كل واحدة مخلوقات لا يعلمها إلا الله، بل بعض الأخبار يكاد يقطع به في ذلك، ولكنه لم يخرج عن أن يكون ظنياً فأكثر العلماء ومحققوهم على أن المعارض - وهو ما قاله