أي محاء ستور لما يشق على خلص عباده مكرم لهم، ثم علل أو بين بقوله:{قد فرض الله} أي قدر ذو الجلال والإكرام الذي لا شريك له ولا أمر لأحد معه، وعبر بالفرض حثاً على قبول الرخصة إشارة إلى أن ذلك لا يقدح في الورع ولا يخل بحرمة اسم الله لأن أهل الهمم العوالي لا يحبون النقلة من عزيمة إلى رخصة بل من رخصة إلى عزيمة، أو عزيمة إلى مثلها.
ولما كان التخفيف على هذه الأمة إنما هو كرماً منه وتعظيماً لهذا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:{لكم} أي أيتها الأمة التي أنت رأسها، وعبر بمصدر حلل المزيد مثل كرمه وتكرمه إظهاراً لمزيد الغاية فقال:{تحلة} أي تحللة {أيمانكم} أي شيئاً يحللكم مما أوثقتم به أنفسكم منها تارة بالاستثناء وتارة بالكفارة تحليلاً عظيماً بحيث يعيد الحال إلى ما كان عليه قبل اليمين، وقد بين ذلك في سورة المائدة فحلل يمينك واخرج من تضييقك على نفسك واشرح من صدرك لتتلقى ما يأتيك من أنباء الله تعالى وأنت متفرغ له بطيب النفس وقرة العين، وهذا يدل على أن قوله «أنت علي حرام» كاليمين إذا لم يقصد به طلاقاً للزوجة ولا إعتاقاً للأمة، وإذا كان الله قد فرض ذلك لكافة الأمة تيسيراً عليهم فرأسهم أولى بأن يجعل له ذلك، قال مقاتل: