ولما كانت العدة فيمن رأى حبيبه قد ضاق صدره أن يسعى أولاً في شرح صدره وطيب نفسه ثم يزيده بسطاً بأن يقول للحاضرين: إن حبيبنا هذا الكريم علينا اتفق له كذا، وقد كرهت هذا وضمنت زواله، وكان تعالى قد طيب نفسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأول السورة، ثم أتبعه الأمر الآخر، فكان التقدير: اذكروا هذا الذي ذكرته من حسن عشرة نبيكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنسائه رضي الله تعالى عنهن وكريم صحبته وشريف أخلاقه وجميل أفضاله وجليل حلمه واذكروا ما خفف الله به عنكم في الأيمان التي لا مثنوية فيها واذكروا فيها اسمه المقدس، عطف عليه قوله تعالى تشريفاً لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمعاتبة عليه وبإظهار ما هو حامل له من ثقل هذا السر على أجمل وجه تخفيفاً عنه وترويحاً له:{وإذ} أي واذكروا كريم أخلاقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطاهر شمائله في عشرتهن حين {أسر النبي} أي الذي شأنه أن يرفعه الله دائماً بأن يتلقى من فياض علمه ما يخبر به الناس فإنه ما ينطق عن الهوى وأبهم الزوجة ولم يعينها سبحانه تشريفاً له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولها رضي الله عنهن فقال تعالى: {إلى بعض أزواجه} وهي حفصة رضي الله عنها، كنى عنها صيانة لهن لأن حرمتهن رضي الله عنهن من حرمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ