للمحبوب وهو موسى عليه الصلاة والسلام كما يقال: صديق صديقي داخل في صداقتي، وذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام لما غلب السحرة آمنت به فعذبها فرعون فماتت بعد أن أراها الله بيتها في الجنة ولم يضرها كونها تحت فرعون شيئاً لأنها كانت معذورة في ذلك، فالآية من الاحتباك: حذف أولاً «فلم تسألا الجنة» لدلالة «رب ابن لي» ثانياً عليه، وحذف ثانياً «كانت تحت كافر» لدلالة الأول عليه.
ولما أتم المثل بمن أساءتا الأدب فلم تنفعهما الوصلة بالأولياء بل زادتهما ضرراً للإعراض عن الخير مع قربه وتيسره، وبمن أحسنت الأدب فلم تضرها الوصلة بأعدى الأعداء بل زادتها خيراً لإحسانها مع قيام المغتر بها عن الإحسان ضرب مثلاً بقرينتها في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما رواه الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه:«كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام» ومع مقارنتها لها في الكمال، فبين حاليهما في الثيوبة والبكورة طباق، فلم يبتلها سبحانه بخلطة زوج جمعاً بين ما تقدم من صنفي الثيبات والأبكار اللاتي يعطيهما لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحسنت الأدب في نفسها مع الله ومع سائر من لزمها الأدب معه من عباده فأحسن إليها رعاية لها