ما تعقله قلوبكم فيهديكم، ووحده لقلة التفاوت فيه ليظهر سر تصرفه سبحانه في القلوب بغاية المفاوتة مع أنه أعظم الطرق الموصلة للمعاني إليها {والأبصار} لتنظروا صنائعه فتعتبروا وتزدجروا عما يرديكم {والأفئدة} أي القلوب التي جعلها سبحانه في غاية التوقد بالإدراك لما لا يدركه بقية الحيوان لتتفكروا فتقبلوا على ما يعليكم، وجمعاً لكثرة التفاوت في نور الأبصار وإدراك الأفكار، وهذا تنبيه على إكمال هذه القوى في درك الحقائق بتلطيف السر لتدقيق الفكر، قال الشيخ ولي الدين الملوي: انظر إلى الأفئدة كيف تحكم بأن الاثنين أكثر من الواحد، وأن الجسم الواحد لا يكون في مكانين في آن واحد، وأن الضدين لا يجتمعان - وغير ذلك مما لا يخفى.
ولما كان التقدير: فمشيتم مشي المكب على وجهه فلم تستعملوا شيئاً من هذه الأسرار الشريفة فيما خلق له، كانت ترجمة ذلك:{قليلاً} وأكد المعنى بما صورته صورة النافي فقال: {ما} ولما زاد تشوف النفس إلى العامل في وصف المصدر دل عليه سبحانه وتعالى بقوله: