ثم رده إليها وإفنائه فيها ثم إعادته كما كان بعد أن صار رفاتاً وشيئا فانياً مماتاً دليل على القدرة على البعث، لا فرق في ذلك بينه وبينكم أصلاً، فكان منه البدأ {وإليه} وحده {تحشرون *} شيئاً فشيئاً إلى البرزخ ودفعة واحدة يوم البعث على أيسر وجه بمن أراد من عباده كرهاً منكم كما كان أمركم في الدنيا، فإنه لم يكن إلى الإنسان منكم أحب من الدعة والسكون، فكأنه سبحانه يضطره بما أودعه من الطبائع المتضادة وأثار له من الأسباب في طلب رزقه وغير ذلك من أمره إلى السعي إلى حيث يكره، فكما أنه قدر على ذلك منكم في الابتداء فهو يقدر على مثله في الانتهاء، ليحكم بينكم ويجازي كلاًّ على عمله كما يفعل كل ملك برعيته، وكل إنسان منكم بجماعته.
ولما كان التقدير: فلقد أبلغ سبحانه في وعظهم بنفسه وعلى لسانك يا أشرف الخلق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك بما هدى إليه السياق قطعاً، ذكر حالهم عند ذلك فقال إعلاماً بكثافة طباعهم حيث لم تلطف أسرارهم لقبول محبة الله تعالى وإثارة الأحوال الحسنة