بها محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما تقوله المبطلون مقسماً على ذلك زيادة في التعظيم، تأكياً في التعزير والتكرير فقال تعالى {ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون}[القلم: ١، ٢] وأنى يصح من مجنون تصور بعض تلك البراهين قد انقطعت دونها أنظار العقلاء فكيف ببسطها وإيضاحها في نسق موجز، ونظم معجز، وتلاؤم يبهر العقول، وعبارة تفوق كل مقول، تعرف ولا تدرك، وتستوضح سبلها فلا تسلك {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله}[الإسراء: ٨٨] فقوله سبحانه وتعالى {ما أنت بنعمة ربك بمجنون}[القلم: ٢] جواباً لقوله تعالى في آخر السورة إنه لمجنون، وتقدم الجواب بنفي قولهم والتنزيه عنه على حكاية قولهم ليكون أبلغ في إجلاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخف وقعاً عليه وأبسط لحاله في تلقي ذلك منهم، ولهذا قدم مدحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما خص به من الخلق العظيم، فكان هذا أوقع في الإجلال من تقديم قولهم ثم رده إذ كسر سورة تلك المقالة الشنعاء بتقديم التنزيه عنها أتم في الغرض وأكمل، ولا موضع أليق بذكر تنزيهه عليه الصلاة والسلام، ووصفه من الخلق والمنح الكريمة بما وصف مما أعقب به ذلك إذ بعض ما تضمنته