عليه بما يأتي لم يؤثر شيئاً، وأكد كون انطلاقهم حال الإصباح بقوله:{وغدوا} أي ساروا إليها غدوة {على حرد} لا غيره وهو القصد وشدة الغضب مع الجزم بالأمر واللجاج فيه والسرعة والنكد بالمنع وقلة الخير، من حاردت السنة أي لم يكن فيها مطر، والإبل: منعت درها، وحرد - إذا أسرع {قادرين *} عند أنفسهم وفي زعمهم بدليل عدم استثنائهم فإن الجزم على الفعل في المستقبل فضلاً عن أن يكون مع الخلف فعل من لا كفؤ له، ودل على قربها من منزلهم بالفاء فقال:{فلما رأوها} أي بعد سير يسير وليس للزرع ولا للثمر بها أثر {قالوا} لأنها صارت لسوء حالها من ذلك الطائف بعيدة من حال ما كانت عليه عند تباعدهم وتغيير نياتهم فأدهشهم منظرها وحيرهم خبرها، وأكدوا لأن ضلالهم لا يصدق مع قرب عهدهم بها وكثرة ملابستهم لها وقوة معرفتهم بها فقالوا:{إنا لضالون *} أي عن طريق جنتنا لأن هذه لا تشبهها بوجه فيما كان فيه بالأمس من النضارة وشدة الحمل وحسن الهيئة.
ولما انجلى ما أدهشهم في الحال قالوا مضربين عن الضلال:{بل نحن محرومون *} أي ثابت حرماننا مما كان فيها من الخير الذي لا نغيب عنها إلا سواد الليل فحرمنا الله إياها بما عزمنا عليه من حرمان