حاكياً عن قولهم:{سبحان ربنا} أي تنزه المحسن إلينا التنزيه الأعظم عن أن يكون وقع منه فيما فعل بنا ظلم، وأكدوا قباحة فعلهم هضماً لأنفسهم وخضوعاً لربهم وتحقيقاً لتوبتهم لأن ما كانوا عليه من الحال يقتضي أن لا يصدق رجوعهم عنه بقولهم:{إنا كنا} أي بما في جبلاتنا من الفساد {ظالمين *} أي راسخين في إيقاعنا الأشياء في غير مواقعها حيث لم نعزم عزماً جازماً على ما كان يفعل أبونا من البر، ثم حيت حلفنا على ترك ذلك ثم حيث لم نرد الأمر إلى الله بالاستثناء حيث حلفنا فإن الاستثناء تنزيه الله عن أن يجري في ملكه ما لا يريد، وأكد توبتهم بقوله مسبباً عن اعترافهم بالظلم:{فأقبل بعضهم} أي في حال مبادرتهم إلى الخضوع {على بعض} ودلت التسوية بين فريقيهم في اللفظ على الاستواء في التوبة {يتلاومون *} أي يفعل كل منهم مع الآخر في اللوم على ما قصده من المنع وترك ما تركوه من الإعطاء والدفع ما يفعله الآخر معه، وينسب النقصان إليه كما هو دأب المغلوبين العجزة.