المحسن إليك الذي أكرمك بما أكرمك به من الرسالة وألزمك بما ألزمك من البلاغ وخذلهم بالتكذيب ومد لهم على ذلك في الآجال وأوسع عليهم النعم وأخر ما وعدك به من النصر.
ولما كان حاصل قصة يونس - على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام - أنه استثقل الكرامة بالرسالة لما فيها من الأمور الشديدة من معالجة الخلق فامتحن، كان سبباً لقبوله ذلك، ثم كان سبب إسلام قومه إدناء العذاب منهم وتقريب غشيانه لهم، أشار له بقصته إلى أنه يراد إعلاؤه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى سائر الأنبياء - وإعلاء أمته على سائر الأمم بما يحتاج إلى صبر على ما يستثقل من ضر أو أمر شديد مر فقال:{ولا تكن} أي ولا يكن حالك في الضجر والعجلة إلى غير ذلك. ولما كان قد افتتح السورة بالنون الذي من مدلولاته الحوت، عبر به هنا تحقيقاً لإرادته فقال:{كصاحب} أي كحال صاحب {الحوت} وهو يونس بن متى عليه الصلاة والسلام {إذ} أي حين، والعامل في هذا الظرف المضاف المحذوف من الحال ونحوها، أو يكون التقدير: لا يكن حالك كحاله يحصل لك مثل ما حصل له حين {نادى} أي ربه