معرفة تامة أنه مخالف للشعر، وقد أخبركم بعضهم بذلك كالوليد بن المغير وعتبة ابن ربيعة وغيرهما ثم لا تتبعون ذلك ثمرته، وهو الإيمان بالله ورسوله، وإيمانهم القليل إقرار من أقر من شعرائهم أنه ليس بشعر، وإخلاصهم بالوحدانية عند الاضطرار وإفرادهم الخالق بالخلق والربوبية، وهو إيمان لغوي لا شرعي، ولما كان من يعرف الشعر يعرف النثر فهو أعلى فقدمه، أتبعه النثر فقال:{ولا بقول كاهن} وهو المنجم الذي يخبر عن أشياء يوهمها لرئي يخبره بذلك، وأغلبها ليس لها صحة، وعبارته عن ذلك بالسجع المتكلف المقصود كونه سجعاً الذي يكون المعنى فيه تابعاً للفظ للتحلية بمشاكلة المقاطع.
ولما كانت مباينة القرآن للسجع خفية جداً لما فيه من الفواصل في الأغلب وتركها في البعث فارق لأن الساجعين لا يرضون أن يأتوا بقرينة لا أخت لها ويعدون ذلك وعياً عيباً رديئاً، وكذا تطويل السجعة عن قرينتها وتضعيفها على عديلتها لا يرضى به ساجع ولو أنه هاجع، ومباينة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للكهنة ظاهرة جداً، فإن الكاهن من ينصب نفسه للدلال على الضوائع والإخبار بالمغيبات يصدق فيها تارة ويكذب كثيراً، ويأخذ الجعل على ذلك، ويقتصر على من يسأله، فعبر لذلك ب «كاهن» دون «ساجع» أدار أمره على التفكر