طولون، فاختبره فوجده في العلم كما وصف، فسأله عن سبب ثباته على النصرانية مع علمه فقال: السبب تناقضها مع أنه دان بها ملوك متكبرون وعلماء متبحرون ورهبان عن الدنيا معرضون ومدبرون، فعلمت أنه ما جمع هؤلاء الأصناف على الدينونة بها مع تناقضها إلا أمر عظيم اضطرهم لذلك، فدنت بها، فقال له: اذهب في لعنة الله فلقد ضيعت كل عقل وصفت، ولقد والله صدق في الأمر العظيم الذي حملهم على ذلك، وهو القضاء والقدرة الذي حمل كل أحد منهم على إلقاء نفسه في نار جهنم باختياره بل برغبته في ذلك ومقاتلة من يصده عن ذلك، وذلك أدل دليل على تمام علم الله وقدرته وأنه واحد لا شريك له ولا معقب لحكمه، وفي هذا تصديق قوله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع» وهم أهل الكتاب، وقد أشبعت القول في هذا في كتابي «القارض في تكفير ابن الفارض» الذي بينت فيه عوارهم، وأظهرت عارهم، وكذا كتابي «صواب الجواب للسائل المرتاب» و «تدمير المعارض في تكفير ابن الفارض» ولم أبق على شيء من ذلك