حرست لنزول التوراة ثم اشتد الحرس للانجيل ثم ملئت لنزول القرآن فمنعوا من الاستماع أصلاً إلا ما يصدق القرآن إرهاصاً للنبوة العظمى الخاتمة لئلا يحصل بهم نوع لبس.
ولما أخبروا عن حالها إذ ذاك لأنه الأهم عندهم، أخبروا عن حالها قبل، فقالوا مؤكدين لما للإنس من التكذيب بوصول أحد إلى السماء:{وإنا كنا} أي فيما مضى {نقعد منها} أي السماء {مقاعد} أي كثيرة قد علمناها لا حرس فيها فهي صالحة {للسمع} أي لأن نسمع منها بعض ما تتكلم به الملائكة بما أمروا بتدبيره، وقد جاء في الخبر أن صفة قعودهم هي أن يكون الواحد منهم فوق الآخر حتى يصلوا إلى السماء، قال أبو حيان: فمتى احترق الأعلى كان الذي تحته مكانه فكانوا يسترقون الكلمة فيلقونها إلى الكهان فيزيدون معها الكذب.
ولما كان التقدير: فنستمع منها فنسمع ما يقدر لنا من غير مانع، عطف عليه قوله:{فمن يستمع} أي يجتهد في الوصول إلى السمع {الآن} أي في هذا الوقت فيما يستقبل أنهم قسموا الزمان إلى ما كان من إطلاق الاستماع لهم وإلى ما صار إليه الحال من الحراسة، وأطلقوا «الآن» على الثاني كله، لأنهم أرادوا وقت قولهم فقط