ولما كان هذا نسخاً لما كان واجباً من قيام الليل أول السورة لعلمه سبحانه بعدم إحصائه، فسر ذلك العلم المجمل بعلم مفصل بياناً لحكمة أخرى للنسخ فقال:{علم أن} أي أنه {سيكون} يعني بتقدير لا بد لكم منه {منكم مرضى} جمع مريض، وهذه السورة من أول ما أنزل عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففي هذه بشارة بأن أهل الإسلام يكثرون جداً.
ولما ذكر عذر المريض وبدأ به لكونه أعم ولا قدرة للمريض على دفعه، أتبعه السفر للتجارة لأنه يليه في العموم، فقال مبشراً مع كثرة أهل الإسلام باتساع الأرض لهم:{وآخرون} أي غير المرضى {يضربون} أي يوقعون الضرب {في الأرض} أي يسافرون لأن الماشي بجد واجتهاد يضرب الأرض برجله، ثم استأنف بيان علة الضرب بقوله:{يبتغون} أي يطلبون طلباً شديداً، وأشار إلى سعة ما عند الله بكونه فوق أمانيهم فقال:{من فضل الله} أي بعض ما أوجده الملك الأعظم لعباده ولا حاجة به إليه بوجه من الربح في التجارة أو تعلم العلم {وآخرون} أي منكم أيها المسلمون {يقاتلون} أي يطلبون ويوقعون قتل أعداء الله، ولذلك بينه بقوله: