يعلم سره - رزقنا الله التسليم لأمره وأعاننا على ذكره وشكره.
ولما كان هذا مما يوهم قلة جنوده تعالى، أتبعه ما يزيل ذلك فقال:{وما} أي والحال أنه ما {يعلم جنود ربك} أي المحسن إليك بأنواع الإحسان المدبر لأمرك بغاية الإتقان من جعل النار وخزنتها وجعلهم على هذه العدة وغير ذلك، فلا تعلم عدتهم لأجل كثرتهم وخروجهم عن طوق المخلوق وما هم عليه من الأوصاف في الأجساد والمعاني {إلا هو} أي الملك الأعظم المحيط بصفات الكمال، فلو أراد لجعل الخزنة أكثر من ذلك، فقد روي أن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة لا تعود إليهم نوبة أخرى، وقد ورد أن الأرض في السماء كحلقة ملقاة في فلاة وكل سماء في التي فوقها كذلك، وقد ورد في الخبر: أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك قائم يصلي.
وإنما خص هذا العدد لحكم لا يعلمها إلا هو، ومن أراد إطلاعه على ذلك من عباده مع أن الكفاية تقع بدون ذلك، فقد كان في الملائكة من اقتلع مدائن قوم لوط وهي سبع ورفعها إلى عنان السماء، وكل ما في الإنسان من الجواهر