لأنها من النفس اللوامة التي تلوم على ترك المبادرة إلى أفعال الخير فغيرها من أفعال المطمئنة أكمل منها، فنقل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مقام كامل إلى أكمل منه، وكان هذا الكلام المتعلق بالقرآن والذي بعده فرقاناً بين صفتي اللوامة في الخير واللوامة في الشر، والآية ناظرة إلى قوله تعالى في المدثر حكاية «إن هذا إلا قول البشر» وما بينهما اعتراض في وصف حال القيامة جر إليه قوله تعالى: {سأصليه سقر}[المدثر: ٢٦] أي أن الذي خيل به المتقول في القرآن أمران: أحدهما أنه سحر والآخر أنه قول البشر، والعلم اليقين حاصل بانتفاء الأول، وأما الثاني فكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخشى أن لا يتقن حفظه فتدخل عليه كلمة مثلاً فيكون من قول البشر فنهاه الله تعالى عن العجلة وضمن له الحفظ، ثم علل هذا النهي بقوله مؤكداً لأنه من مجراته:{إن علينا} أي بما لنا من العظمة، لا على أحد سوانا {جمعه} أي في صدرك حتى نثبته ونحفظه {وقرآنه *} أي إطلاق لسانك به وإثباته في رتبته من الكتاب حال كونه مجموعاً أتم جمع ميسراً حسن تيسير فأرح نفسك مما تعالج في أمره من المشقة وتكابده من العناء.