ولما أثبت سبحانه وتعالى شأنه العلم لنفسه نفاه عنهم فقال: {وأنتم لا تعلمون *] أي ليس لكم من أنفسكم علم وإنما عرض لكم ذلك من قبل ما علمكم فثقوا به وبادروا إلى كل ما يأمركم به وإن شق. وقال الحرالي: فنفى العلم عنهم لكلمة «لا» أي التي هي للاستقبال حتى تفيد دوام الاستصحاب {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً}[الإسراء: ٨٥] قال من حيث رتبة هذا الصنف من الناس من الأعراب وغيرهم، وأما المؤمنون أي الراسخون فقد علمهم الله من علمه ما علموا أن القتال خير لهم وأن التخلف شر لهم - انتهى. حتى أن علمهم ذلك أفاض على ألسنتهم ما يفيض الدموع وينير القلوب، «حتى شاورهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التوجه إلى غزوة بدر» فقام أبو بكر رضي الله تعالى عنه فقال وأحسن، ثم قام عمر رضي الله تعالى عنه فقال وأحسن، ثم قام المقداد رضي الله تعالى عنه فقال: يا رسول الله! امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى:{فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون}[المائدة: ٢٤]