عتب سبحانه وتعالى عليه فقال:{عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر}[عبس: ١ - ٤] وهي منه سبحانه واجبة، وقد تقدم في السورة قبل قول موسى عليه الصلاة والسلام {هل لك إلى أن تزكى}[النازعات: ١٨] فلم يقدر له بذلك ولا انتفع ببعد صيته في دنياه ولا أغنى عنه ما نال منها وبارت مواد تدبيره وعميت عليه الأنباء إلى أن قال {ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحاً لعلي أطلع إلى إله موسى}[القصص: ٣٨]{وإني لأظنه كاذباً وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل}[غافر: ٣٧] فأنى يزكى؟ ولو سبقت له سعادة لأبصر من حاله عين اللهو وللعب حين مقالته الشنعاء {أم أنا خير من هذا الذي هو مهين}[الزخرف: ٥٢] .
ولما سبقت لابن أم مكتوم الحسنى لم يضره عدم الصيت الدنياوي ولا أخل به عماه بل عظّم ربه شأنه لما نزل في حقه {وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى}[عبس: ٢ - ٤] فيا له صيتاً ما أجله بخلاف من قدم ذكره ممن طرد فلم يتزك ولم ينتفع بالذكرى حين قصد بها
{إنما أنت منذر من يخشاها}[النازعات: ٤٥] كابن أم مكتوم، ومن نمط ما نزل في ابن أم مكتوم قوله تعالى:{واصبر نفسك مع الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}[الكهف: ٢٨] وقوله: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}[الأنعام: ٥٢] فتبارك ربنا ما أعظم لطفه بعبيده - اللهم لا تؤيسنا