على هذا القول بالطبيعة، أتبعه ذكر السماء ليتذكر السامع ذلك فيباعد من يقول به فقال:{وإلى السماء} أي التي هي من جملة مخلوقاتنا {كيف رفعت *} أي حصل بأيسر أمر رفعها من الذي خلقها بلا عمد على ما لها من السعة والكبر والثقل والإحكام وما فيها من جبال الكواكب والغرائب والعجائب، فذلك دال على القدرة التامة التي لا يشارك تعالى فيها أحد قل ولا جل على إيجاد الجنة العالية وعلى رفع السرر فيها لأنه دل على الفعل بالاختيار ونفي حكم الطبيعة حكماً وحتماً، وذلك دال على كمال قدرته تعالى على كل شيء.
ولما ذكر العالي من الحيوان الملابس للانسان والعالي من الأكوان، أتبعه أعلى الأرض فقال تعالى:{وإلى الجبال} أي الشامخة وهي أشد الأرض {كيف نصبت *} أي كان نصبها من ناصبها عالية جداً على بقية الأرض بلا موجب فيها لذلك من طبيعة ولا غيرها بل بفعل الفاعل المختار فهي راسخة لا تميل، فوضعها كذلك على ما فيها من المنافع من المياه الجارية والأشجار المختلفة أعجب من وضع الأكواب