ولما ذكر القبيلتين من العرب، ذكر بعض من جاورهم من طغاة العجم لما في قصتهم من العتو والجبروت مع ما حوته من الغرائب وخوارق العجائب لا سيما في القدرة على البعث بقلب العصا حية وإعادتها جماداً مع التكرر، وبإيجاد الضفادع والقمل من كثبان الأرض وغير ذلك فقال:{وفرعون} أي وفعل بفرعون {ذي الأوتاد *} أي الذي ثبّت ملكه تثبيت من يظن أنه لا يزول بالعساكر والجنود وغيرهم من كل ما يظن أنه يشد أمره من الجنات والعيون والزروع والمقامات الكريمة، فصارت له اليد المبسوطة في الملك.
ولما كان المراد بفرعون هو وجنوده لآن الرأس يكنى به عن البدن، لأنه جماعة وبه قوامه، وصفه بوصف يجمع قومه وجميع من ذكر هنا فقال:{الذين} أي فرعون وجنوده وكل من ذكر هنا من الكفرة من عاد وثمود وأتباعهم {طغوا} أي تجاوزوا الحدود {في البلاد *} أي التي ملكوها بالفعل وغيرها بالقوة {فأكثروا} عقب طغيانهم وبسببه {فيها الفساد *} بما فعلوا من الكفر والظلم مما صار سنة لمن سمع به.