على قراءة الجماعة ببنائها للفاعل: لا يعذب أحد عذاباً مثل عذاب الله أي لا يعذب أحد غير الله أحداً من الخلق مثل عذاب الله له، والحاصل أنه لا يخاف في القيامة من أحد غير الله، فإنه ثبت بهذا الكلام أن عذابه لا مثل له، ولم يذكر المعذب من هو فيرجع الأمر إلى أن المعنى: فيومئذ يخاف الإنسان من الله خوفاً لا مثل له، أي لا يخاف من أحد مثل خوفه منه سبحانه وتعالى، ويجوز أن يكون الضمير في «عذابه» للإنسان، أي لا يعذب أحد من الزبانية أحداً غير الإنسان مثل عذابه، وفي المبني للمفعول: لا يعذب عذاب الإنسان أحد لكن يبعده أنه يلزم عليه أن يكون عذاب الإنسان أعظم من عذاب إبليس - ويجوز أن يكون المعنى: إنه لا يحمل أحد ما يستحقه من العذاب كقوله تعالى:
{ولا تزر وازرة وزر أخرى}[الأنعام: ١٦٤] .
ولما علم أن هذا الجزاء المذكور لا يكون إلا للهلوع الجزوع المضطرب النفس الطائش في حال السراء والضراء، الذي لا يكرم اليتيم ولا المسكين ويحب الدنيا، وكان من المعلوم أن من الناس من ليس هو كذلك، تشوفت النفس إلى جزائه فشفى عيّ هذا التشوف بقوله، إعلاماً بأنه يقال لنفوسهم عند النفخ في الصور وبعثرة ما في القبور للبعث والنشور:{يا أيتها النفس المطمئنة *} أي التي هي في غاية