قال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سواء حرفاً بحرف من غير أن يكون حاضره أو ينقل إليه كلامه، فسار حينئذ حائزاً قصب السبق، لا مطمع في مداناته، فكيف بلحاقه ومساواته، ولكماله وعظمته وجلاله لم يشرب قط خمراً، وكان إذا ليم على ذلك في الجاهلية قال لعشراء: والله لو وجدت شيئاً يزيد في عقلي لاشتريته بجميع مالي فكيف أشتري بمالي ما يزيل عقلي. وتلك الأعمال لا تصح وإن كانت ممدوحة في كل حال إلا بالإيمان، أما إن كانت بعده فواضح، وأما إن كانت قبله فبانعطافه عليها كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أسلمت على ما سلف منك من خير» .
ولما كان الإيمان معلياً للإنسان عن درك الهوان إلى عظم الشأن، حاملاً له على محاسن الأعمال ومكارم الأفعال، وذلك أنه يقود إلى جميع شرائع الدين العظيمة الشأن، وكانت موجبة للجهاد الأكبر من حيث مخالفتها للطبع، وكان ذلك غير مقدور عليه إلا بالشجاعة وهي القوة الثالثة التي إذا هدئت أراحت، وكانت لا تكون إلا بعظيم الصبر، وكان الصبر لمرارته لا يدوم إلا بالتعاون قال تعالى:{وتواصوا}